تجميلية أم خطوة إصلاحية؟.. السعودية تفرج عن معتقلين سياسيين وتدعو المعارضين للعودة

على الرغم من الانتقادات المستمرة التي تواجهها المملكة العربية السعودية بسبب سجلها في القمع والاعتقالات السياسية، فإن الأشهر الأخيرة شهدت تغيرات ملحوظة في تعاملها مع هذه القضايا، فمنذ كانون الأول/سبتمبر 2024، أفرجت المملكة عن أكثر من 30 معتقلاً سياسياً، معظمهم من سجناء الرأي، بحسب إحصاءات وكالة فرانس برس.

وصرح ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، بأن هؤلاء المعتقلين تعرضوا للسجن بسبب "قوانين سيئة"، مشيرًا إلى بداية تغيير في سياسات المملكة، ومع ذلك، ما تزال المنظمات الحقوقية تشدد على ضرورة إجراء إصلاحات شاملة، إذ تظل الخطوات الحالية غير كافية ما لم تُتبع بتغييرات جوهرية تضمن حقوق الإنسان والحريات السياسية في البلاد.

يؤشر هذا الكلام إلى إدراك بن سلمان لوضع القوانين في المملكة التي يحكمها فعلياً، مع ما يستلزمه ذلك من تغيير لهذه القوانين.

وأقرّ مصدر مقرب من الحكومة السعودية أن هناك ″بعض القضايا التي حصل بها جور شديد". لكنه حمّل مسؤوليتها لـ"بعض القضاة الذين يظننون أنهم يرضون الحكومة حين يصدرون أحكاماً بالسجن 30 عاماً بسبب تغريدة".

الإفراج عن المعتقلين السياسيين هو نتاج عمل لجنة شكلها بن سلمان منذ سنتين لمراجعة كافة ملفات المعتقلين السياسيين، يقول المصدر، ويضيف أن اللجنة المؤلفة من وزراء ومسؤولين لا تزال مستمرة في عملها ″لضمان تحقيق العدالة″.

العام 2024 نفسه الذي شهد مبادرة إطلاق معتقلين سياسيين شهد أيضاً إرتفاعاً غير مسبوق في تنفيذ أحكام الإعدام داخل المملكة، حيث أُعدم 274 شخصاً حتى نوفمبر/تشرين الثاني، من بينهم 101 أجنبي.

وتنقسم الآراء حول خطوة السعودية، ثالث أكثر الدول تنفيذاً لعقوبة الإعدام بعد الصين وإيران. فهناك من من يرى فيها بادرة إيجابية تؤسس لتغيير حقيقي، وآخرون يعتبرونها جزءا من محاولة السلطات تحسين صورة المملكة في الخارج، ولا ينظرون إليها كجزء من حملة إصلاح حقيقية.

ويعمل بن سلمان لمحو اللطخة السوداء التي خلفها قتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي، في القنصلية السعودية في اسطنبول وتقطيع جثمانه عام 2018، والذي شكل صدمة حول العالم وأضر كثيراً بسمعة المملكة.

وتسعى السعودية منذ سنوات لتحسين صورتها حول العالم واستقطاب نجوم الفن وكرة القدم وإقامة الفعاليات الفنية وجذب الاستثمارات والسياح، كما تحاول لعب دور سياسي عالمي، وهو ما برز من خلال استضافة لقاء روسي أمريكي وغيره من اللقاءات.

كذلك تحاول المملكة إرسال رسائل إيجابية لمواطنيها المعارضين القابعين في الخارج خشية الملاحقة والسجن وصولاً للإعدام، بالتوازي مع إطلاق سراح معتقلين سياسيين، وجهت المملكة على لسان رئيس جهاز أمن الدولة، عبد العزيز الهويريني، دعوة للمعارضين بالخارج للعودة حيث قال "لن يطالهم أي عقاب".

لكنها دعوة لا يأخذها المعارضون على محمل الجد، خصوصاً وأن معارضين ما يزالون خلف القضبان. كما أنها دعوة لم تترافق مع تغييرات جوهرية ولا مع تغيير في النظام القضائي الخاضع مباشرة لسلطة الملك، إذ يعين القضاة بأوامر ملكية.

من جهته رحب عبد الله العودة، نجل الداعية المعتقل سلمان العودة ورئيس مركز الديمقراطية في الشرق الأوسط، بالإفراجات، وأمل بأن "يُحل موضوع الاعتقال التعسفي واعتقالات اصحاب الرأي والضمير للأبد".

وينتظر معارضون آخرون إصلاحا شاملا يثمر مشاركة سياسية واستقلالية في القضاء قبل الحديث عن عودتهم.

م.ال

اضف تعليق